(28) فهم الإسلام عبر الاصطلاحات الغربية
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
يشدد علماء الإسلام على أن كل مسلم مؤمن مطلوب منه أن يؤدي شهادة لهذا الدين، شهادة تؤيد حق هذا الدين في البقاء، وتؤيد القيم التي يحملها هذا الدين للناس، شهادة تشهد لهذا الدين بالخيرية والأفضلية على سائر ما في الأرض من مفاهيم ومصطلحات وأنظمة وأوضاع وتشكيلات؛ ولهذا كل من يدعي لنفسه الإسلام ثم يسير في غير مسيرة الإسلام فإنه لم يؤد هذه الشهادة، ويكون قد آثر حياته ومصلحته على حياة ومصلحة الدين، وفوق ذلك كله يكون قد قصَّر في أداء هذه الشهادة أو أدى شهادة ضد هذا الدين.

ولا يمكن لهذه الشهادة أن تؤدى إلا إذا أدرك صاحبها أن التوحيد الخالص هو مفرق الطريق بين عقيدة المسلم وسائر العقائد الأخرى، وأن يعرف كذلك أنه متى انحرف عن التوحيد المطلق قيد شعرة فإنه سينساق في هذا الانحراف ثم تتسع الهوة بينه وبين نقطة الانحراف التي بدأت صغيرة ولا تكاد تلحظ.

إن الاختصاص والتميز ضروريان للمسلم سواء أكان ذلك في التصور والاعتقاد وأداء الفرائض، وبالسمت والمظهر واللباس والحركة والسلوك. وقد نهى الإسلام عن التشبه بما هو دون المسلمين في خصائصهم التي هي تعبير ظاهر عن أمور باطنة. وليس هذا ـ كما يقول العلماء ـ تعصباً ولا تمسكاً بشكليات، ولكن القضية هي ما وراء هذه الشكليات من بواعث كامنة هي التي تفرق قوماً عن قوم، وعقلية عن عقلية، وخُلُقاً عن خُلُق، واتجاهاً في الحياة عن اتجاه، ومنهجاً في الحياة عن منهج.

ومن أبرز معالم الانحراف عن هذا التوحيد وتشويش الاختصاص والتميز للإسلام ما لوحظ في العقود الثلاثة الأخيرة وسيطر على بعض جوانب الحياة الأكاديمية من الانطلاق من المفاهيم والمصطلحات الغربية في دراسة وفهم الإسلام بدعوى نصرة الإسلام وتصديق رسوله - صلى الله عليه وسلم -، هذا الأمر الذي حسمه العلماء منذ ما يقارب من ثمانمائة سنة تقريباً، ورأوا فيه نوعاً من الابتداع الذي يوقع في الخطأ والضلال؛ لأن استخدام هذه المصطلحات له لوازم يجب اتباعها، وهذه اللوازم تناقض كثيراً مما جاء به الإسلام؛ فكل ما هو مخالف لدين الإسلام لا بد أن يناقضه حق معلوم من دين الإسلام، وقد يدخل ذلك على الم...